اللوبي الصهيوني في فرنسا –الجزء الثالث

اللوبي الصهيوني في فرنسا –الجزء الثالث

  • اللوبي الصهيوني في فرنسا –الجزء الثالث

اخرى قبل 3 سنة

اللوبي الصهيوني في فرنسا –الجزء الثالث

 

د.سالم  سرية :أكاديمي وكاتب (فلسطين)

 

النفوذ الاعلامي:   قامت طالبة فرنسية بسبر آراء طلبة السنة الثانية في قسم التاريخ في جامعة "مونبيلييه" حول معلوماتهم عن تاريخ وجغرافية فلسطين، أثناء إعدادها أطروحة دكتوراه حول فلسطين، خلال شهري نيسان وأيار 2009 (أي بعد فترة وجيزة من القصف المحموم على غزة)، وعكست مجمل الإجابات ما كانت تروجه وسائل الإعلام والأحزاب السياسية   التي تقدم الفلسطينيين كمعتدين، وتبرئ الإحتلال من مآسي اللاجئين والشعب الفلسطيني، ويعتقد ثلث المستجوبين أن "شعب غزة اعتدى على الإسرائيليين المسالمين، الذين قاموا برد فعل دفاعا عن النفس" الخ.. 1

تمتلك الجالية اليهودية  صحافة متميزة  تنتشر باللغة الفرنسية مائة بالمائة. أما عدد الصحف اليومية التي تنشر باللغة اليديشية ( لغة يهود أوروبا الوسطى) فلا يتجاوزصحيفتان وهما  أنزيرفورت  وناي بريس  .والجدير ذكره أن بعض  الصحف الصهيونية قد تأسست في الجزائر  إبان الاحتلال الفرنسي مثل النشرة اليهودية وذلك في العام ١٩٤٨، ثم عادت إلى الصدور من فرنسا منذ نيسان/أبريل عام ١٩٦٣   وتشرف عليها وتمولها جمعية اليهود ويديرها جاك لازاريس(الجزائريي الأصل) ثم اندمجت في   صحيفة الجاليات ، لسان حال  جهاز مجلس الكهنة اليهود .أما صحيفة)   المنبر اليهود  ( الأسبوعية  التي يديرها الكاهن جاکر کرينيفالد،   فهي الأخرى شديدة الارتباط بالصهيونية.

 ومن النشرات الشهرية أو الفصلية، نذكر الدفاتر الجديدة  ( التي تصدرها منشورات   التحالف العالمي اليهود وتتميز بتركيزها على الجوانب الثقافية. وكذلك ) دفاتر برنار لازار) القريبة فكريا من حزب ) ما بام  ( الإسرائيلي، الذي يلعب دورا كبيرا في تنسيق العلاقات مع اليسار الفرنسي، وهناك أيضا مجلة أخرى عنوانها ) الأرض المستعادة  (وهي لسان حال الحركة الصهيونية.

   وفي  باريس، أسست الصهيونية أربع إذاعات حرة وهي:  راديو ج  وجيداييك  ف. م       وراديو الجالية وراديو شالوم.2

   إن التأثير الصهيوني يمتد إلى الصحافة الفرنسية أيضا  وقد هاجم أحد صحفيي مجلة ( الأزمنة الحديثة( ، جان. کلود لانزمان مراسل صحيفة  لوماتان  في لبنان، مارك كرافتس، لأنه دافع عن الفلسطينيين.  كما نشرت صحيفة  اللوموند مقالا عنوانه ) أن تكون فلسطينيا  (  في ١٦ تموز/يوليو ١٩٨٢ على أنه شهادة من الفلسطينيين على أوضاعهم، وتبين لاحقا أن كاتب المقال صهيوني. وهناك ردود فعل واضحة في الصحافة الفرنسية، فقد نشرت مجموعة من الصهاينة مقالا عنوانه (اليهود غاضبون )) ، فحواه استغراب تعاطف الشعب الفرنسي مع ليش فاليسا والشعب البولوني ومع ذلك يتعاطف مع ياسرعرفات و ( إرهابييه ) . .

 كما لا تتوانى الصحف  الفرنسية في نشر تحقيقات عن (إسرائيل) على مساحات واسعة من صفحاتها، وخصوصا في صحف مثل ( لوماتان ) و   الكوتيديان دي باري  وغيرهما.أما دور النشر الفرنسية المتعاطفة مع الصهيونية فهي عديدة، مثل السلاسل الثقافية التي تصدرها دارألبن ميشيل الباريسية، التي تستغل المحاور التاريخية والعلمية والأدبية لنشر الفكر الصهيوني في فرنسا، ومن هذه السلاسل نذكر سلسلة معنونة ب( حضور الدين اليهودي). وهناك  جمعية   لوبي المؤرخين   التي تأسست عام ١٩٧٣،  وهدفها تشويه التاريخ وتزييف الحقائق.3

   اضافة الى الأفلام الوثائقية التي تحكي قصة الاحتلال الألماني، وتركز على الغبن الذي لحق باليهود. والهدف من عرض هذه الأفلام هو إظهار الشعور بعقدة الذنب التي تسعى الصهيونية، بجميع وسائلها إلى غرسها في الأذهان. وكلما قامت (إسرائيل) باعتداء على العرب، تقوم الأجهزة الصهيونية ببث هذه الأفلام، لكي ينسى العالم وحشية إسرائيل، وتتركز في ذهنه ذكريات)   الهولوكوست  (و عقدة الشعور بالذنب .  

   ومنذ أكثر من عقد أغلقت الصحف الكبرى المجال أمام اي نقد، مهما كان بسيطا للكيان الصهيوني"،   وذهبت صحيفة  لوموند إلى نشر افتتاحية يوم 09/06/2010، تندد فيها بالدعوة إلى مقاطعة منتوجات الكيان الصهيوني، الذي تنعته بالإنفتاح والتنوع والديمقراطية الخ، وتزامن ذلك مع نشر بيان يصب في نفس الإتجاه (ضد المقاطعة) وقعه عدد من المثقفين والسياسيين  وفي المقابل أشادت الصحف   بافتتاحية كتبها رئيس حكومة أسبانيا السابق "خوسيه ماريا أزنار" (1996 – 2004) عبر فيها عن تخوفه من أن  (انهيار الكيان الصهيوني سيكون انهيارا للغرب" وإن إسرائيل هي خط دفاعنا الأول، في هذه المنطقة الحيوية لأمن الطاقة، فإذا سقطت سنسقط معها، لأن مصيرنا متشابك بشكل لا ينفصم، لذا لا يجب أن ننفعل أو نتخذ مواقف خاطئة تضر بأمن إسرائيل).ولابد من التنويه أن "خوسيه ماريا أزنار" كان شديد الحماس للإعتداء على العراق وساهم في احتلاله بإرسال عدد هام من جنوده، وهو من نفس طينة ساركوزي وبرلسكوني وطوني بلير وجورج بوش الإبن، الذين روجوا لنظرية "صراع الحضارات" واحتلوا أفغانستان والعراق وساروا على درب أسلافهم الذين دمروا يوغسلافيا وقسموها4. وتساهم المنظمات غير الحكومية وجمعيات الصداقة في التطبيع السياسي والإقتصادي وتحث على مشاركة جمعيات فلسطينية وصهيونية جنبا إلى جنب في المنتديات العالمية  ومختلف المهرجانات، بدعوى إقامة حلف "المعتدلين" ضد "المتطرفين من الجانبين"، وهكذا يصبح المعتدي والمعتدى عليه شركاء، متساويين في الجريمة وتصبح الضحية راضية بالإحتلال ونتائجه . وتكفلت شركات معولمة منها "بوبليسيس" الفرنسية، لترويج هذه الخطط وتنظيم مؤتمرات وندوات ولقاءات دولية، وهذه ثاني أكبر شركة إعلام واتصالات في العالم، بعد "هافاس"، وقد ورثتها "اليزابيث بادنتار" (زوجة وزير القضاء السابق في عهد فرانسوا ميتران عن عائلتها التي أسستها سنة 1926)، التي كرست حياتها ونشاط مؤسستها للدفاع المستميت عن الكيان الصهيوني، وتنظيم حملات إعلامية  بمساعدة نائب رئيس الشركة الصهيوني "موريس ليفي" ، ونظمت جولة لبرلمانيين فرنسيين من الحزب الإشتراكي والخضر واليمين، لزيارة الجدار العازل (الذي أدانته الأمم المتحدة وبعض المحاكم الدولية)، وإظهاره "كأداة سلمية لحقن الدماء من الطرفين"، والإشادة بالدور الحضاري للكيان الصهيوني في فلسطين... ونجحت الخدعة بشكل باهر، إذ قام المشاركون، عند عودتهم إلى فرنسا، بحملة إعلامية (نظمتها "بوبليسيس") لصالح الكيان الصهيوني، وشاركوا في عدة فعاليات لإقناع المترددين، وللتنديد بالمشككين، وشتم المعارضين... كما نظمت "بوبليسيس  الإحتفال بالذكرى ال 60 لإنشاء الكيان الصهيوني، وكذلك الحملات الدعائية للمنتوجات الزراعية والصناعية والسياحية للكيان الصهيوني .5

ونتابع حديثنا في الجزء الرابع عن اللاسامية في فرنسا.

 

الهوامش:

       1-اللوبي الصهيوني في فرنسا- شاكر نوري-شركة المطبوعات للتوزيع والنشر                             2013- رابط التحميل   https://www.noor-book.com  ص104-106

  2 - مصطفى محمود    https://alwafd.news/essay/1268

          3-الطاهر المعز  -الحوار المتمدن-العدد: 3837 - 2012 / 9 / 1 - 23:43

         4- بول شاؤول- المستقبل اللبنانية- https://arabi21.com/story/1065561

التعليقات على خبر: اللوبي الصهيوني في فرنسا –الجزء الثالث

حمل التطبيق الأن